دفع شبهة

Pembayaran Kecurigaan

ربما يخطر على البال أن القواعد العامة تقضي أن القوانين إنما يعمل بها من تاريخ صدورها فلماذا لم تتبع هذه القواعد في تخصيص القضاء بجميع أقسامه وقررنا أن التخصيص يعمل به في الحوادث كلها بلا فرق بين المتأخر منها والمتقدم.

قلنا نعم هو كذلك لكن ذلك خاص بالقوانين المتعلقة بالأحكام التي ينبني عليها القضاء وتصدر على مقتضاها أحكام القضاة. وذلك كأن يصدر قانون ينص فيه على أن الحكم في الحادثة الفلانية كذا ثم يجيء قانون آخر ينص فيه على حكم آخر لتلك الحادثة بعينها فإن الحوادث الماضية السابق وقوعها قبل صدور القانون الثاني يكون القضاء فيها على حسب المنصوص في القانون الأول وهذا لا فرق فيه بين القوانين الإلهية الشرعية والقوانين الوضعية يعلم ذلك من يرجع إلى النصوص الشرعية وما قرره علماء الشريعة قاطبة في ناسخها ومنسوخها وأنه لا يعمل بالناسح إلَّا من تاريخ صدوره والعلم به فيما يتعلق بأحكامها.

وأما القوانين المتعلقة بالإجراءات والنظام دون الأحكام. فهذه كما تسري على الحوادث المتأخرة عنها تسرى على المتقدمة عليها والقوانين التي تتعلق بتخصص القضاء الشرعي على وجه ما ذكرنا إنما تتضمن العزل والتولية على الوجه الذي فصلناه. وحيث كانت كذلك كان العمل بها واجبا وكما تسري على الحوادث المتأخرة عن صدورها تسري على الحوادث السابقة على صدورها كما قلنا غير مرة لأن القاضي بعد عزله من القضاء ليس له أن يفصل في شيء من الحوادث لا فرق في ذلك بين ما كان منها متقدمًا على عزله وما كان متأخرًا عنه. ولا فرق في ذلك أيضًا بين أن يكون عزله من القضاء بالكلية أو أن يكون عزله منه في مكان وتوليته في مكان آخر أو في زمان وتوليته في زمان آخر أو بالنسبة لأشخاص وتوليته بالنسبة لأشخاص آخرين أو في حوادث وتوليته في حوادث أخرى كما هو شأن التخصيص.

هذا هو الذي تقتضيه القواعد الشرعية في تخصيص القضاء بأقسامه على الوجه الذي أوضحناه. ألا ترى أنه بعد تشكيل المحاكم الأهلية خصصت تلك المحاكم بنظر القضايا المدنية دون المحاكم الشرعية التي كانت تنظر ذلك من قبل وبذلك صارت المحاكم الأهلية تنظر ما كان بعده. وغاية الأمر أنها تطبق أحكامها على القوانين السابقة على تشكيلها وتطبق أحكام قانونها على الحوادث الصادرة بعد التشكيل وأما المحاكم الشرعية فصارت لا تنظر شيئًا من هذا القبيل بلا فرق بين السابق على تشكيل المحاكم الأهلية والمتأخرة عن تشكيلها وما ذاك إلَّا لأن التخصيص على وجه ما ذكر عزل قضاة المحاكم الشرعية عن نظر تلك الدعاوى المدنية مطلقًا في نظر الحكومة وصار السابق واللاحق من خصائص المحاكم الأهلية وإن اختلف تطبيق الأحكام.