تخصيص القضاء بالأشخاص

Alokasi Peradilan oleh Orang-orang

ان يخصص ولي الأمر من ولاه القضاء بالحكم وفصل الخصومات بين أشخاص معينين كان يخصصه بالحكم بين الأشخاص المتوطنين بدائرة محكمة معينة فقط.

وذلك كأن يخصص قاضي مديرية الغربية مثلًا بالقضاء بين المتوطنين بدائرة مديرية الغربية. وقاضي البحيرة بالقضاء بين المتوطنين بدائرة مديرية البحيرة فإذا أصدر أمر ولي الأمر بعد ذلك بإخراج بعض البلاد من دائرة مديرية الغربية معزولا عن القضاء بين الأشخاص المتوطنين بالبلاد المخرجة فليس له أن يحكم بعد ذلك في الحوادث التي تقع فيها الخصومة بين أولئك الأشخاص ولو حضر المتقاضيان منهم أمامه بمحكمته لا فرق في ذلك بين الحوادث المتأخرة من هذا التبديل والسابقة عليه وكان قاضي الجيزة متوليا القضاء في تلك البلاد وله حق الحكم في الخصومة التي تقع بين أولئك الأشخاص في كل الحوادث بلا فرق كذلك بين حادثة ماضية وحادثة مستقبلة ولو فرضنا أن رجلا كان متوطنا بدائرة مديرية الغربية ثم ارتحل عنها وغير محل وطنه وتوطن بدائرة مديرية البحيرة صار حق الفصل في القضايا التي ترفع على هذا الرجل من خصائص قاضي مديرية البحيرة وصار قاضي الغربية معزولًا من القضاء فيها بلا فرق في ذلك كله بين الحوادث السابقة على الارتحال ونقل الوطن وبين المتأخرة عن ذلك.

وهذا التخصيص لم يكن موجودا في الأزمنة الماضية حتى بعد صدور اللائحة المتوجة بالأمر العالي نمرة ١١ سنة ۱۸۸۰م بل كان من خصائص كل محكمة أن تنظر وتحكم في الدعوى التي أرباب الخصومة فيها ممن يكونون موجودين وقت الدعوى والمرافعة بدائرة ولايتها ولو كان محل إقامتهم بغير هذه الدائرة (راجع بند ٦٢ من تلك اللائحة).

وقد نشأ عن ذلك الفوضى والخلل في الأحكام حتى كان بعض المتقاضين وهو من الصعيد الأعلى يذهب إلى الإسكندرية مثلا فيدعي وفاة شخص ووراثته له ويحكم له بذلك. ويذهب شخص آخر لدى محكمة أخرى فيدعي وفاة ذلك الشخص بعينه وانحصار إرثه فيه فيحكم له على خلاف الحكم الأول وما كانت الدعوى بناء على تلك الفوضى ترفع على الأخصام الحقيقيين الذين يكونون منازعين للمدعي. بل كان المدعي متى حض لدى أي محكمة يتخذ له مديونًا جعليًا لمن يدعي وفاته ووراثته ويجعله خصماً له في الدعوى التي يرفعها ويطالبه بذلك الدين الجعلي أو نصيبه منه ويحكم له بما يريد على خلاف  الحقيقة.

وتارة كان المدعي متى حضر لدى أي محكمة شاء يتخذ مديونًا جعليًا لمن يدعي أنه وكيل عنه في البيع والهبة وقبض الحقوق وسائر التصرفات الشرعية توكيلًا عامًا ويجعل ذلك المديون الجعلي خصمًا له في الدعوى ويطالبه بطريق التوكيل عن موكله بذلك الدين الجعلي فيعترف المدعى عليه بذلك الدين وترتبه في ذمته لموكل المدعي وينكر ما عدا ذلك فيثبت المدعي دعواه التوكيل المذكور بشهادة شاهدين ويحكم له به.

وبعد ذلك يتصرف الوكيل المذكور في عقارات وأطيان ذلك الموكل بالبيع وغيره وذلك الموكل غائب لا يعلم شيئًا من ذلك فإذا عاد وجد كل ملكه أوجله مبيعًا لغيره.

وكثيرًا ما ضاعت حقوق بسبب ذلك الخلل وهذه الفوضى وقد شاهدنا منذ كنا بقضاء مديرية المنيا شيئًا كثيرًا من هذا القبيل ولا يزال موجودًا بمضابط تلك المحاكم ومسجلًا بسجلاتها على عامليه وبناء على ذلك صدر أمر عال بأن القضاة الشرعيين والنواب لا يحكمون إلَّا في الدعوى الواقعة بين الأشخاص المتوطنين بدائرة كل منهم وإذا اختلفت جهة المتداعين أو تعددت جهات توطن المدعى عليهم يراعى بند (٦٣) من تلك اللائحة فرفع هذا الأمر العالي بعض الضرر. ولكن ما زال اتخاذ المديون الجعلي في الخصومات باقيًا.

واستمر العمل على هذا إلى أن صدرت لائحة سنة ۱۸۹۷م فاندرج فيها ما خصصه الأمر العالي المشار إليه مع تلافي ضرر المديون الجعلي بأن منع سماع الدعوى على غير خصم شرعي حقيقي (راجع مواد ۲۱ ، ۲۲ ، ۲۳ ، ٤٨ من هذه اللائحة) وقد نص عليه في قانون تمرة ۳۱ أيضًا لكن على وجه أتم وأكمل (راجع الباب الرابع في اختصاص المحاكم بالنسبة لمحل الإقامة ومحل العقار من الكتاب الثالث) فكان العمل على ذلك إلى يومنا هذا وبذلك ارتفع الضرر وزالت الفوضى.