• Backup Home
  • Home 2
  • Privacy Policy
  • Qasidah dan Shalawat Page
  • Rawi Simthud Duror dan Terjemah
  • Tentang Kami
  • Home
Kitab Kuning Digital
No Result
View All Result
Wednesday, May 14, 2025
  • Home
  • Kajian Kitab
    • Hikmatut Tasyrif wa Falsafatuhu
    • Tafsir Mimpi Ibnu Sirin
    • Safiinatun Najaah
    • Taklim Muta`allim
  • Qasidah
  • PDF Kitab Kuning
  • Khutbah
  • Manakib
  • Shalat
  • Apps
  • Artikel
  • Tentang Kami
  • Home
  • Kajian Kitab
    • Hikmatut Tasyrif wa Falsafatuhu
    • Tafsir Mimpi Ibnu Sirin
    • Safiinatun Najaah
    • Taklim Muta`allim
  • Qasidah
  • PDF Kitab Kuning
  • Khutbah
  • Manakib
  • Shalat
  • Apps
  • Artikel
  • Tentang Kami
No Result
View All Result
Kitab Kuning Digital
No Result
View All Result
  • PDF
  • Qasidah
  • Doa-doa
  • Kajian Kitab
  • Tuntunan Ibadah
  • Apps
  • Artikel
  • Infografis
  • Khutbah
  • Manakib
  • Tanya Jawab Keislaman
  • Tentang Kami
Home Kajian Kitab Hikmatut Tasyrif wa Falsafatuhu

Wakaf Berdasarkan Pengukuran

Muhammad Fariz Kasyidi by Muhammad Fariz Kasyidi
2024-02-02
in Hikmatut Tasyrif wa Falsafatuhu, Kajian Kitab
Reading Time: 9 mins read
A A
0
2
SHARES
8
VIEWS
FacebookTwitterWhatsappTelegramLine

استناد الوقف على القياس

Wakaf Berdasarkan Pengukuran

وأما القياس فالجميع على اختلاف مذاهبهم قد استدلوا به على صحة الوقف. فاستدل من قال أن الوقف غير لازم كأبي حنيفة بقياسه على العارية بحيث يبقى المعار على ملك المعير وللمستغير المنفعة.

واستدل من قال أن الوقف لازم كالصاحبين والشافعي وأحمد وأنه حبس العين على حكم ملك الله بحيث يزول عن ملك الواقف؛ بالقياس على المسجد ونحوه وعلى العتق فإن الإجماع منعقد على أن من وقف مسجدًا أو رباطًا أو نحوهما أو أعتق عبدًا فقد خرج عن ملكه وعاد إلى خالص ملك الله تعالى فلا يباع ولا يوهب ولا يورث.

واستدل من قال أنه حبس العين على ملك الواقف مع منع الواقف عن بيعه وهبته وأنه لا يورث؛ بالقياس على أم الولد والمدبرة التدبير المطلق فإن كلًا منهما يكون الملك فيه باقيًا للمولى. ولذلك حل له وطؤهما واستمتاعه بهما ولكنهما لا يباعان ولا يوهبان ولا يورثان، وفرق أبو حنيفة بين وقف المسجد ونحوه مما ذكر وبين الوقف على الذرية بما حاصله أن المسجد ونحوه جعل الله على الخلوص محررًا من أن يملك العباد فيه شيئًا غير العبادة فيه، وما كان كذلك خرج عن ملك الخلق أجمعين قياسًا على الكعبة. والوقف غير المسجد ونحوه ليس كذلك بل ينتفع العباد بعينه زراعة وسكنى وغيرهما كما ينتفع بالمملوكات. وما كان كذلك فليس كالمسجد حتى يقاس على الكعبة كما قيس المسجد عليها وأيضًا قضية كون الحاصل منه صدقة دائمة عن الوقف أن يكون ملكه دائمًا إذ لا تصدق بلا ملك فاقتضى قيام الملك. ومن لوازم قيام الملك أن لا يكون الوقف لازمًا. وقد ردوا على أبي حنيفة قوله: بأن ما فرق به غير صحيح، لأن انتفاع العباد بالوقف غير المسجد إنما هو بريعه وغلته على وجه البر والصدقة لأن المقصود من الوقف كما اعترف به أبو حنيفة الصدقة الدائمة عن الواقف ولو اقتضى دوام الصدقة دوام ملك الواقف لانقطعت الصدقة بانقطاع الملك والملك ينقطع بموت الواقف فلو انقطعت هي أيضًا لم تكن دائمة وهذا خلاف ما قضت به الأحاديث الصحيحة. ولذلك قال الكمال وعلى كل حال فقد صح قياس الوقف على المسجد والعتق وأم الولد والمدبرة التدبير المطلق سواء قلنا أنه العين على حكم ملك الله لا تباع ولا توهب ولا تورث، أو أنه حبس العين على ملك الواقف لا تباع ولا توهب ولا تورث، فجعل الإمام أبو حنيفة عدم الخروج عن الملك ملزومًا لعدم لزوم الوقف صدقة ليس بصحيح بل هما منفكان كما قاله الكمال فكان الحق ما قاله الجمهور.

استدل أبو حنيفة بما أسنده الطحاوي في شرح معاني الآثار إلى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد ما أنزلت سورة النساء نهى عن الحبس» وروی هذا الحديث الدارقطني وفيه عبد الله بن لهيعة عن أخيه وضعفوهما ورواه ابن أبي شيبة موقوفًا على علي حدثنا هشيم عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال: قال علي رضي الله عنه: «لا حبس عن فرائض الله إلَّا ما كان من سلاح أو كراع» قال الكمال: وينبغي أن يكون لهذا الموقوف حكم المرفوع لأنه بعد أن علم ثبوت الوقف ولهذا استثنى الكراع والسلاح لا يقال إلَّا سماعًا وإلَّا فلا يحل.

واستدل أيضًا بما روي عن شريح قال «جاء محمد ببيع الحبيس» رواه ابن أبي شيبة في البيوع حدثنا وكيع وابن أبي زائدة عن مسعر عن أبي عون عن شريح قال: جاء محمد. الحديث. وأخرجه البيهقي أيضًا قال الكمال: وشريح من كبار التابعين وقد رفع الحديث فهو حديث مرسل يحتج به من يحتج بالمرسل اهـ، وأبو حنيفة ممن يحتج به كما هو مقرر في أصول الفقه وفروعه.

وأجاب الجمهور عن ذلك أن الواقف متى صدر منه وقفه وهو في حال صحته بالغ عاقل كامل التصرف في ماله وهو مالك لما وقفه كان ذلك جائزًا لازمًا كما أن له بالإجماع أن يتصرف في ملكه كيف يشاء ببيع وهبة  وصدقة فله أن يبيع كل ما يملكه لمن يشاء وأن يهبه ويسلمه لمن يشاء وأن يتصدق به ويسلمه لمن يشاء من الفقراء وإذا تصدق به على الفقراء فليس له الرجوع بعد ذلك وإذا وهب كان له الرجوع عند أبي حنيفة إلَّا إذا وجد مانع يمنع من ذلك. وعند مالك والشافعي لا يرجع إلَّا في أحوال خاصة مبينة في الفقه.

وهذه التصرفات كلها لا يمكن لأحد أن يقول إنها حبس عن فرائض الله تعالى ولا يعد المالك بها فارًا من فرائض الله تعالى في المواريث فالواقف في الصحة وهو يملك ما يقفه كذلك لا حبس فيه عن فرائض الله تعالى. وكيف يتحقق الحبس عن فرائض الله تعالى قبل وقوع تلك الفرائض وقبل تعلق حق الورثة بمال الموروث لأن فعله قبل أن تكون فرائض الله تعالى وقبل أن يتعلق حق أصحاب الفرائض بالميراث ولذلك فسر بعضهم حديث ابن عباس وقول علي وما قاله شريح بأن المراد منه لا مال يحبس بعد موت صاحبه عن ا القسمة بین الورثة.

والشافعي رضي الله عنه لما روى حديث: (لا حبس عن فرائض الله تعالى) وقول شریح: (جاء محمد بإطلاق الحُبُس) حمله على ما كان عليه أهل الجاهلية من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام حيث قال رضي الله عنه: الحبس التي جاء محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بإطلاقها هي بيّنة في كتاب الله عزّ وجلّ. قال الله تعالى: ﴿ مَا جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَآئِبَةٍ وَلَا وَصِيْلَةِ وَلَا حَامٍ﴾١

فهذه الحبس هي التي كان أهل الجاهلية يحبسونها فأبطل الله شروطهم فيها وأبطلها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بابطال الله إياها وهي أن الرجل كان يقول إذا نتج فحل إبله ثم ألقح فأنتج منه: هو حام أي قد حمي ظهره فيحرم ركوبه ويجعل ذلك شبيهًا بالعتق، ويقول في البحيرة والوصيلة على معنى يوافق هذا. ويقول لعبده: أنت حر سائية لبة لا يكون لي ولاؤك ولا عليّ عقلك وقبل أنه أيضا في البهائم قد سيبتك.

قال الشافعي رضي الله عنه: فلما كان العتق لا يقع على البهائم رد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ملك البحيرة والوصيلة وألحام إلى ملكه وأثبت العتق وجعل الولاء لمن أعتق السائبة وحكم له بمثل حكم النسب، ولم يحبس أهل الجاهلية فيما علمته دارًا ولا أرضًا تبررا بحبسها وإنما حبس أهل الإسلام بأمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اهـ.

وأما قول صاحب العناية بعد أن نقل أنهم يحملون الحبس على ما قاله الإمام الشافعي رحمه الله استدراكًا عليه: ولكنا نقول النكرة في موضع النفي تعم فتتناول كل طريق يكون فيه حبس عن الميراث إلا ما قام عليه دليل اهـ.

فهو مردود لأننا لا نسلم أن في الوقف حال الصحة حبسا عن الميراث بل هو كسائر التصرفات الناجزة في حال الصحة من بيع وهبة وصدقة وغير ذلك فكما أن هذه التصرفات لا تعد حبسًا عن الميراث فالوقف كذلك. فالدليل قائم بلا شك على أن المالك يتصرف في ملكه كيف يشاء، إلَّا إذا حجر عليه بطريقه الشرعي، أو كان مريضا مرض الموت. وأما قبل أن يوجد الميراث أو قبل أن يتعلق حق الورثة في مرض الموت وقبل حصول الحجر عليه بطريقه الشرعي وهو صحيح الجسم والعقل بالغ فالدليل قائم على إطلاق كل تصرف في ماله. على أنه في مرض الموت إنما يحجر عليه فيما زاد على الثلث فقط لأنه هو الذي يتعلق به الميراث.

ولو حمل الحديث وما عن شريح على هذا لكان أوفق جمعًا بين الأدلة. ويرشد إلى هذا قول ابن عباس بعد ما نزلت سورة النساء الخ.

وأما ما نقله عن المسور بن رفاعة: (كما يقول حضرة المحاضر، والصواب أن المسور المذكور هو ابن مخرمة لا ابن رفاعة) فلا يدل على أن الوقف ليس من الدين لأن غاية ما فيه أنه حدثته نفسه بأن يقترح على عمر أن يرجع في وقفه ولكنه لم يقترح ولو كان اقتراحه واجبًا عليه وتركه لكان فاسقًا راضيًا بمنكر لا يجوز شرعًا فدل ذلك على أنه راجع نفسه فوجد أن اقتراحه في غير محله لكون وقف عمر مأمورًا به من قبل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرجع عن اقتراحه ولم يخرجه من القوة إلى الفعل.

والحاصل أن للمالك أن يتصرف في ماله كيفما شاء وما فعله من حبس ماله على الموقوف عليهم لا يقصد به إلَّا البر بهم ثم بعد موت الواقف الذي وقف في صحة جسمه وعقله لم يكن المال الموقوف تركة بل خرج عن ملك الواقف فلم ينتقل إلى ملك الورثة حتى يقال حبس عن الميراث. ولا يجوز أن يقال يرجع موروثًا لأن المال إنما يورث إذا كان ملكًا للمورث حال وفاته وأما إذا خرج عن ملك الواقف في حياته فلا ينتقل إلى ملك الوارث.

واستدل أبو يوسف ومحمد وسائر الأئمة الأربعة وجمهور العلماء زيادة عما تقدم من كتاب الله تعالى على لزوم الوقف وأنه لا يباع ولا يوهب ولا يورث. بما في الصحيحين وباقي الكتب الستة عن ابن عمرة قال: (أصاب عمر أرضًا بخيبر فأتى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: أصبت أرضا لم أصب مالا قط أنفس منه فكيف تأمرني؟ قال: «إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها». فتصدق بها عمر لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يورث الخ). وفي بعض طرق البخاري فقال عليه الصلاة والسلام: «تصدق بأصله لا يباع ولا يوهب ولا يورث الخ» وفي رواية الدارقطني بعد قوله: (ولا يورث) من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع (حبيس ما دامت السموات والأرض) وفي رواية محمد بن الحسن في الأصل (أن عمر بن الخطاب قال يا رسول الله: إني استفدت مالاً هو عندي نفيس أفأتصدق به؟ قال: فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تصدق بأصله لا يباع ولا يوهب ولا يورث» الخ.

قال الكمال: والحق ترجيح قول عامة العلماء بلزومه لأن الأحاديث والآثار متضافرة على ذلك قولا كما صح من قوله عليه الصلاة والسلام: «لا يباع ولا يورث الخ» وتكرر هذا في أحاديث كثيرة واستمر عمل الأمة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم على ذلك (وسرد أسماء الصحابة الذين وقفوا) ثم قال: كل هؤلاء من الصحابة ثم التابعين بعدهم كلها بروايات صحيحة وتوارث الناس أجمعون ذلك. فلا تعارض بمثل حديث شريح (جاء محمد ببيع الحبس) على أن حديث شريح بيان نسخ ما كان عليه الجاهلية من الحام ونحوه.

وبالجملة فلا بعد أن يكون إجماع الصحابة العملي ومن بعدهم متوارثًا على خلاف قوله: فلذا ترجح خلافه اهـ.

على أن الطحاوي حكى عن عيسى بن أبان قال: كان أبو يوسف يجيز بيع الوقف قبلغه حديث عمر هذا فقال: من سمع هذا عن ابن عون فحدثه به ابن علية فقال: هذا لا يسع أحدا خلافه ولو بلغ أبا حنيفة لقال به فرجع عن بيع الوقف حتى صار كأنه لا خلاف فيه اهـ، ولذلك قال القرطبي: رد الوقف مخالف للإجماع فلا يلتفت إليه. ومن الثابت عن جميع الأئمة أن كل واحد منهم قال: إذا صح الحديث فهو مذهبي ولذلك قال الحافظ بن حجر: أحسن ما يعتذر به عن رد الوقف ما قال أبو يوسف فإنه أعلم بأبي حنيفة من غيره اهـ.

ومن ذلك يتبين أن كل من قال من الأئمة بعدم لزوم الوقف إنما قال بذلك لأن الحديث لم يبلغه ولو بلغه لقال به وما وسعه أن يخالفه.

وقد علمت أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقف وقفه …. وأن أصحابه وقفوا في حياته بأمره وبعد وفاته. فأبو بكر حبس رباعًا وشرط أن يسكنها من حضر من ولده وولد ولده ونسله. وحبس عثمان ماله الذي بخيبر على ولده أبان. وحبس عليّ ماله على ذي الرحم والقريب الخ. وحبس الزبير دوره على بنيه لا تورث ولا توهب وشرط شروطًا منها أن للمردودة من بناته أن تسكن فإذا استغنت بزوج فلا حقّ لها. وحبس معاذ بن جبل دارًا له بالمدينة. وحبس زيد بن ثابت دارًا على ولده وولد ولده وعلى أعقابهم لا تباع ولا توهب ولا تورث. وكذلك حبست عائشة دارًا لها على ناس يسكنونها ثم ترد إلى آل أبي بكر ثم أختها أسماء حبست لها دارًا لا تباع ولا توهب ولا تورث. وأم حبيبة تصدقت على مواليها وعلى أعقابهم لا تباع ولا توهب ولا تورث. وحبس سعد بن أبي وقاص. وحبس عقبة بن عامر داره صدقة على ولده وولد ولده فإذا انقرضوا فإلى أقرب الناس مني حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

وهذه الوقوف رواها الخصاف وغيره وقال في نيل الأوطار بعد أن سرد أسماء جماعة من الصحابة الذين وقفوا، روى كل ذلك البيهقي. وكذلك الكمال قال بعد أن سرد أسماء الصحابة الذين وقفوا قال: كل هؤلاء من الصحابة ثم التابعين بعدهم كلها بروايات. وتوارث الناس أجمعون ذلك إلى أن قال: فلا بد أن يكون إجماع الصحابة العملي ومن بعدهم متوارثًا.

قال الشافعي في الأم: ولقد حفظنا الصدقات عن عدد كثير من المهاجرين والأنصار، لقد حكى لي عدد كثير من أولادهم وأهليهم أنهم لم يزالوا يلون صدقاتهم حتى ماتوا ينقل العامة منهم عن العامة لا يختلفون فيه إلى آخر ما قال اهـ.

ولم يعوّل واحد من هؤلاء على الطعن في بعض رواتها لأن جريان العمل عليها يجعلها حجة لصحة الوقف ولزومه. على أنها كلها تأيدت بما رواه البخاري ومسلم وباقي الكتب الستة من وقف عمر وغيره.

فهذا تفصيل في بعض أوقاف أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما ترى وأكثرهم جعل وقفه على الذرية. وكل واحد من هؤلاء جعل وقفه على ذريته صدقة والصدقة هي ما يرجي ثوابها من الله تعالى: فكيف لا يكون الوقف قربة يثاب عليها.

وكيف لا يكون قربة وقد صرحوا جميعًا بأن شرط جوازه أن يكون التصدق قربة في ذاته وعند المتصدق الذي هو الواقف وفرعوا على ذلك أنه لا يصح وقف المسلم على بيعة أو كنيسة ولا وقف الذمي على مسجد غير مسجد بیت المقدس.

(وأما الأمر الرابع): وهو دعواه أن عمر أراد أن يبيع وقفه الخ. فنقول: الغالب على الظن أنه ليس بصحيح لأنه يناقض ما جاء عن عمر بقوله: «لا تباع ولا توهب ولا تورث» وأنه عليه السلام قال لعمر في إحدى روايات البخاري: «تصدق بأصله الخ» زاد الدارقطني من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع: (حبيس ما دامت السموات والأرض) فكيف مع أمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما ذكر يمكن لعمر أن يقول هذه المقالة؟ لا شك أن هذا بعيد جدًا.

و من البعيد جدًا أيضًا أن عمر بعد أن ينفذ ذلك حسب أمره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرجع عنه مع مخالفته لأمره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلو فرض أن رواة الرجوع ثقات يجب حمله على الخطأ فكيف بعد هذا يصح أن يقع مثل ما ذكر؟

ثم بمراجعة كتب الحديث تبين أن هذه الرواية أخرجها الطحاوي من طريق مالك عن الزهري قال: قال عمر: (لولا أني ذكرت صدقتي لرسول الله لرددتها).

فتبين أن الحديث منقطع لأن الزهري لم يدرك عمر. وهذا وإن كان لا يمنع من كونه حجة لكون الزهري إمامًا جليل القدر لا يتهم في روايته لكن لا يقوى على معارضة ما هو متصل وأقوى منه مما رواه البخاري وغيره، فيسقط الاحتجاج به لهذا.

على أن الإمام الشافعي رضي الله عنه ذكر في كتابه الأم عن محمد بن الحسن صاحب الإمام أبي حنيفة أنه قال: إن الزهري قبيح المرسل. وأقره الشافعي على ذلك. والمنقطع والمرسل في اصطلاحهما نوع واحد وهما أدرى بما يقبل وما لا يقبل، فهو لا حجة فيه من هذه الجهة أيضًا.

(وأما الأمر الخامس): وهو قوله أن أبا يوسف لا يشترط التأبيد الخ فنقول: هذا لا يفيد سعادة المحاضر لأن الروايتين عن أبي يوسف يجيئان عند عدم التنصيص على التأبيد أو على ما يقوم مقامه كالفقراء ونحوهم، فإذا وجد التنصيص على التأبيد لا تجيء الروايتان.

لأن الخلاف إنما هو في أن التأبيد هل يشترط ذكره نصًا أو لا؟ قال محمد بالأول وقال أبو يوسف بالثاني. وعلى قول أبي يوسف إذا لم ينص على التأبيد فإما أن ينص على ما ينافي التأبيد بأن وقف على معين ولم يذكر بعده جهة لا تنقطع لكن شرط عوده بعد موت الموقوف عليه إلى الملك فهذا باطل اتفاقًا. وأما أن لا ينص على ما ينافي التأبيد ولا على التأبيد فعن أبي يوسف حينئذٍ روايتان.

أحدهما جاز الوقف ويكون وقفًا أبدًا ويعود بعد الموقوف عليه إلى الفقراء وهذا هو المعتمد في المذهب.

والثانية يعود إلى الملك وهو خلاف المعتمد لمخالفته للأحاديث الدالة على أن الوقف لا يباع ولا يوهب ولا يورث. وهذا يقتضي أنه متى قال وقفت داري الفلانية انصرف ذلك إلى التأبيد فلا حاجة للنص عليه كما نص عليه محققو المذهب. ومخالف لما عليه المتون من أنه بعد موت الموقوف عليه المعين يعود للفقراء.

وحينئذٍ فاختلاف الروايتين عن أبي يوسف لا يفيد من يسعى لحلّ الأوقاف الأهلية لأن من تتبع عقود الأوقاف الصادرة من الواقفين يجد التأبيد مذكورًا فيها كلها صريحًا ويجدها مشتملة على الشروط المعتبرة في جميع المذاهب فصحتها محل وفاق بين جميع العلماء.

(وأما الأمر السادس): وهو دعواه أنه ليس في الوقف الأهلي أثر لصدقة أو برّ.

فنقول. ذكرنا فيما تقدم ما أخرجه البخاري في صحيحه من أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لعمر: «تصدق بأصله لا يباع ولا يوهب ولا يورث الخ». فتصدق به عمر على من سماهم، ومن ضمنهم ذوو القربي.

وأكثر الصحابة جعل وقفه على الذرية كأبي بكر وقف على ولده وولد ولده الخ. وعثمان وقف على ولده أبان صدقة بتة الخ إلى آخر ما أسلفناه، والكل يصرحون بلفظ صدقة والكل يقصد البر والتقرب إلى الله تعالى وذلك لما صرح به في الفتح أن سبب الوقف إرادة محبوب النفس في الدنيا ببر الأحباب وفي الآخرة بالتقرب إلى رب الأربع جلّ وعزّ وفائدته الانتفاع الدارّ الباقي على طبقات المحبوبين من الذرية والمحتاجين من الأحياء والموتى لما فيه من إدامة العمل الصالح كما في الحديث المعروف: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلَّا من ثلاث. صدقة جارية» الحديث.

فانظر كيف أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجماعة من فضلاء أصحابه وعلمائهم اعتبروا الأوقاف التي من هذا القبيل صدقة وبرًا وتقربًا إلى الله تعالى فكيف بعد هذا يمكن لقائل إن يقول أن الوقف الأهلي ليس فيه أثر لصدقة أو قربة. ومن الذي يستطيع أن يقول إن بر الأقارب وذوي الرحم وصلتهم ليس فيه أثر للصدقة ولا للقربى مع أن نفقة الإنسان على نفسه صدقة وعلى زوجته صدقة وعلى ولده صدقة كما نصت عليه الأحاديث الصحيحة.

(وأما الأمر السابع): وهو طلبه من ولاة الأمور أن ينظروا إلى هذه الأوقاف على أنها نظام مدني، وأن يغيروا ويبدلوا في أحكامها، واستشهاده بأن بعض الملوك حل الأوقاف الخ.

فأقول: إعلم أن الوقف بعد لزومه لا يملك أحد إبطاله ولا تغيير شيء من شروطه بلا خلاف.

أما على مذهب أبي حنيفة فإن الوقف عنده وإن كان غير لازم كالعارية إلَّا أنه إذا حكم به القاضي كما هو الواقع في سائر عقود الأوقاف الآن يصير لازمًا فليس للواقف ولا لورثته من بعده إبطاله فضلًا عن الأجنبي ومع كون حجج الأوقاف مشتملة على حكم القاضي بصحة الوقف ولزومه والحكم برفع الخلاف لو جاز لولاة الأمور إبطالها وإبطال الحكم بها لجاز لهم أن يبطلوا جميع الأحكام شرعية كانت أو أهلية. وذلك فتح الباب الفساد والفوضى.

وأما على مذهب أبي يوسف فإن الوقف عنده كالعتق أي بجامع إسقاط الملك في كل، للزومه قبل القبض والإفراز، فليس للواقف ولا لورثته من بعده إبطاله فضلًا عن الأجنبي.

وأما على مذهب محمد فإن الوقف عنده كالزكاة يعني لا يتم ويلزم إلَّا بالقبض والإفراز، وبعد لزومه لا يملك الواقف ولا ورثته من بعده إبطاله فضلًا عن الأجنبي. وهذه الأحكام متفق عليها عند سائر الأئمة.

إذا تبين لك ما ذكرناه فنقول: إن هذه الأوقاف في حيازة أقوام يستحقون ريعها بوثائق شرعية، وأعيانها محبوسة لهذا الغرض بحجج شرعية. وكل ذلك مستند إلى الدين كما بينا فلا سبيل لأحد وارثًا أو غيره عليه ولا يرجع إلى مالكه بوجه من الوجوه ولا يمكّن ورثة الواقف والمستحقون من حلّهوإبطاله. ويجب على الحكام منعهم إذا أرادوا ذلك.

وإني لأعجب بعد ذلك من حضرة المحاضر كيف يعمد إلى ما جاء عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منصوصًا وأمر به أصحابه الوقف الأموال والدور فيحرّض الحكام على إبطاله ويستشهد لذلك بأن بعض الحكام قد أبطله. اللهم إن هذا شيء عجيب. ففي أي شرع أو قانون يباح للحكام أن يفتاتوا بأمرهم ورأيهم على الناس في حقوقهم ويتصرفوا فيما هو لهم، ويبطلوا تصرفاتهم في أملاكهم بعد صحتها شرعًا؟ وإني لا أخال حكامنا يفعلون ذلك لما فيه من الجور الواضح والظلم الفاضح.

(وأما الأمر الثامن): وهو احتجاجه لتسويغ حل الأوقاف بأنه لا يبعد أن تصبح أطيان القطر وأعيانه وقفًا بعد زمن ما، ومتى وصلت إلى هذه الحالة فقدت مصر ما يسمونه بالثقة المالية الخ.

فنقول: هذا فرض و تخمين وتوهم باطل لا يبنى عليه حكم. وعلى فرض ذلك فالثقة المالية في الأمم إنما هي بثروتها وكثرة حاصلاتها وحسن نظامها وتوفر الأموال عند حكومتها وحسن إدارة الحكام لها، والمدار في ذلك كله على إقامة العدل بين الرعية في ضرب الضرائب وإنصاف المظلوم من الظالم وعدم المحاباة في شيء من الحقوق العامة والخاصة وإسناد الوظائف إلى من يليق بها من أهل التجربة والخبرة بها وبأعمالها، ومع ذلك فنظام الوقف شبيه من وجوه بنظام الإيراد المؤبد في القوانين الوضعية ولولاه لما وجد كثير من أوجه البر إذ هو نظام يشجع على فعل الخير لأن أشد الناس بخلًا الذي لا يهون عليه أن يتصدق في حياته أو يعمل أو يشترك في عمل يفيد الجمهور في حياته لا يتأخر عن أن يجعل ريع ماله كله للخيرات بعد انقراض ذريته. فالوقف على الذرية وغيرهم طريق فعل الخير المضمون والوسيلة المرغبة في فعله وسبيل لانتقال النفع من الفرد إلى المجموع. فلولا الوقف ما وجدت الملاجيء ومعاهد العلم والعبادة والمستشفيات، كما أنه لولاه لصارت فروع أسراتٍ كريمة في الدرك الأسفل من الفقر والحاجة، ولأصبحوا عالة على غيرهم.

ولو أن سعادة الباشا المحاضر عندما كان وزيرًا للأوقاف رجع إلى ما تديره تلك الوزارة من الأوقاف مع كثرتها لعلم أن كلها أو جلّها كانت أوقافا أهلية ثم بانقراض مستحقيها صارت أوقافًا خيرية.

 (وأما الأمر التاسع): وهو مما احتجّ به أيضًا بأن عندما يكثر عدد المستحقين أصبح الناظر أكبر المنتفعين وتضاءلت الاستحقاقات الخ.

فنقول: هذا يدخل في كل شيء مما يملكه الإنسان فضلًا عن الوقف. وأيضًا فقد يكون للشخص أشجار فتيبس ويأتي السيل على الأرض فتخرب وتنهدم الدور ولا جناية لنا فيما أتى عليها من قضاء الله عزّ وجل وقدره. قال تعالى: ﴿ اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ ﴾١ وقال تعالى: ﴿ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ ﴾٢.

ولو جاز حلّ الوقف لهذا السبب لجاز أيضًا إلغاء الميراث للسبب نفسه فإن نصيب الذرية يتضاءل بتعددهم وبتوارثهم، وهذا ما لم يقل به أحد.

ولو صحت نظرية حضرة المحاضر لما جاز لمعالي وزير الأوقاف أن يأخذ هذا المرتب الضخم الذي صار به أكبر المنتفعين وتضاءلت بالنظر إليه استحقاقات المستحقين الموقوف عليهم كالخطباء والأئمة وسائر خدمة المساجد وعمار التكايا والملاجيء والمستشفيات، مع أن معالي وزير الأوقاف لم يكن مستحقًا ولا ناظر وقف بل يأخذ مرتبه بصفته وزيرًا للأوقاف فقط من استحقاقات المصارف الخيرية، ومع ذلك فتضاؤل الاستحقاقات يزول متى انقرض هؤلاء الكثيرون ويؤول الوقف إلى جهة واحدة.

 (وأما الأمر العاشر): وهو احتجاجه بأنه قد يكون الناظر غير طاهر الذيل فلا تسل عن المشاغبات والقضايا وفساد الإدارة الخ.

فنقول: هذا من حضرة المحاضر تهجم على أمر مشروع أذن به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفعله أصحابه رضي الله عنهم، وما كان له أن يبديه لأنه يفضي إلى عدم الإقدام على كثير من المشروعات لاحتمال أن تؤدي إلى ما قال. مثال ذلك إقامة الأوصياء على اليتامى لحفظ أموالهم أمر به الشارع مع احتمال تعدي الأوصياء على أموالهم وهو كثير الوقوع. ومثل الإقدام على الزواج الذي حث الشارع عليه مع احتمال تعدي الأزواج على زوجاتهم أو نشوز الزوجات وهو أكثر وقوعًا من الأول كما هو مشاهد.

وهل يمكن لعاقل أن يقول بإلغاء القضاء والحكومات لاحتمال وجود قضاة غير طاهري الذيل وحكام فاسدين مفسدين. على أن كل ما قاله في الوقف من أنه يؤدي إلى المشاغبات الخ. يقال مثله في التركة بين الورثة نظرًا لفساد الزمان وكثرة المطامع وقلة المبالاة بأكل الحقوق بل النزاع والشحناء بين الورثة في التركات أكثر منها في الأوقاف كما هو مشاهد.

فلعل حضرة المحاضر بعد ذلك يطلب أيضًا أن الورثة لا يرثون فيما يتركه مورثوهم بل يكون للجهات التي جعل لها حق إبطال الوقف الأهلي، ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا.

ثم نقول. إن الشارع حكيم إذا رأى جهة فيها خير ولو كان مكتنفا بشرور كثيرة يأمر بتحصيل هذا الخير ويحذر الوقوع فيما جاوره من الشرور، ولا شك أن أصل طلب الشارع للوقف إرادة الخير وكونه يخشى وقوع الشر ممن يتولاه لا يقتضي أن لا نفعله فإن الله سبحانه وتعالى أذن للولي أن يأكل بالمعروف فإن تعدى وخان فإن ثبت عليه بالبينة فعلى القاضي أن يعزله ويولي غيره وإن لم يثبت كان له تولية مشرف معه، وإن كانت خيانته في خفاء لا يأكل في بطنه إلَّا نار جهنم وسيصلي سعيرًا.

وعلى كل حال فاللوم كل اللوم في كل ما قاله من كثرة المشاغبات وخيانة النظار وغيره على النظامات الجائزة التي توضع على خلاف الشرع ويوكل الحكم بها لمن لا يكون أهلاً لأن يدير نظام بيته فضلًا عن نظام القضاء في أمته.

(وأما الأمر الحادي عشر): وهو قول حضرة المحاضر هذا خروج على أحكام التوريث والوصية بتوريث من لا يورثه الشرع أو بتفضيل من لا يسمح الشرع بتفضيله.

فنقول: إن الصحابة رضي الله عنهم طلبوا من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يرشدهم إلى عمل بر في أموالهم يتقربون به إلى الله عزّ وجلّ، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أذن لهم بذلك وفعلوه عن إذنه. ومن ضمن ما فعلوا أنهم شرطوا في عقود أوقافهم شروطا منها؛ تفضيل بعض ولدهم على بعض كما ترى مما أسلفناه، وصار ما فعلوه بإذنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصلا من أصول الدين والأئمة المجتهدون بنوا تفريعاتهم ورتبوها على هذا الأصل.

ثم بعد هذا يجيء حضرة المحاضر طالبا عدم اعتبار هذا الأصل مدعيا أن فيه تفضيل من لا يسمح الشرع بتفضيله. ويرى أن يكون نظام الوقف على قواعد رتبها، كلها مخالفة لما فعله الصحابة رضي الله عنهم عن إذنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهذا يا حضرة المحاضر مغالطة في أمر ديني مشروع. فالشارع صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سمح لهم فيما فعلوه من شروطهم وأقرها ومن ضمنها التفضيل وحضرة المحاضرة يقول لا يسمح الشرع بهذا التفضيل!

مع أن حضرة المحاضر اعتذر عما يفعله الواقفون من التفضيل بقوله؛ فكيف تنكر على رجل رغبته في تفضيل أبنائه الخ.

ومع ذلك فالتفضيل ممكن بطرق شرعية، منها أن يبيع شخص في صحته وكمال عقله لأحد أولاده شيئًا من ماله أو يهبه له مفرزًا ويسلمه. فهل يمكن لحضرة المحاضر أن يمنع ذلك أو يقول إن الشرع لا يسمح به؟

وبالجملة فالنصوص دالة والإجماع منعقد على أن المالك له في صحته وسلامة عقله أن يتصرف في ماله كيف يشاء ومن الذي يستطيع أن يجزم بمن يكون وارثًا له دون الآخر حتى يقال هذا خروج على أحكام الوصية والمواريث!

ولماذا أجاز حضرة المحاضر الوصية ولم يستنكرها ويجعلها حبسًا عن المواريث مع أنها أخت الوقف وكل منهما يستقي أحكامه من أحكام الآخر وكلاهما عقد تبرع، خصوصًا وأن الوصية إنما تكون غالبًا في مرض الموت وفيه يتعلق حق الورثة بالتركة، ولكن الشارع لم يجعل لهم الحق إلَّا فيما زاد على الثلث. فإن قلنا إن جواز الوصية كان بإذن الشارع فالوقف كذلك بإذن الشارع كما سبق بيانه.

الخاتمة

إذا تبين لك ما سردناه عليك ظهر لك أن حضرة صاحب المحاضرة يغض نظره عن جميع المشروعات الدنيوية التي أتى بها صاحب الشريعة المطهرة صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويتجاهلها. وكأنه يجنح إلى الفرق بين العلم والدين كما يذهب إلى ذلك بعض الناس ويقولون إن الدين قاصر على الأمور الروحية. وقد كذبوا وافتروا على الله ورسوله فإن مما جاءت به الشريعة الإسلامية دحض هذا الاعتقاد الذي كان سائدًا بين الأمم، وأن القرآن ينادي بتكذيبهم ويحث الناس على التدبر واستعمال العقل في كل آياته.

كان الناس قبل الإسلام يعتقدون أن الدين والعلم ضدان لا يجتمعان بما كان يقرره رؤساء الأديان أن حقائق الدين تسمو عن مدارك العقل. وكان بعض أهل الملل قبل الإسلام يجعل الرجل تحت تصرف رؤساء الدين في شؤونه الخاصة والعامة بل فيما بينه وبين خالقه فلم يكن يتعاقد في أي أمر كان إلَّا بإقرار رجال الدين ولا أن يتوب إلَّا بوساطتهم وكانوا عاملين على تسخير العامة لمصالحهم الشخصية باسم الدين. كما كان الناس قبل الإسلام لا يملكون لأنفسهم حق النظر بل يرون أنفسهم أنهم لم يخلقوا إلَّا لطاعة الحكام، فكان الحكام يستبدون بالناس جميعًا. فلما جاء الإسلام هدم كل هذه من الأمور من أساسها.

فقرر أن الدين لا يتضاد مع العلم وجعل العقل مناط التكليف وبه التمييز بين الحق والباطل وهو قسطاس الحكم قال تعالى : ﴿ وَلَقَدْ جِيْنَهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَٰهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾١ وقال تعالى: ﴿ فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَآئِبِيْنَ﴾٢ وقال تعالى : ﴿ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُوْنَ ﴾۳ وقال تعالى: ﴿ وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّوْنَ بِأَهْوَآئِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾٤ وقال تعالى: ﴿ نَبِّئُوْنِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِيْنَ ﴾٥ وقال تعالى : ﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللهِ كَذِبًا لِّيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾٦ وقال تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوْهُ لَنَآ إِنْ تَتَّبِعُوْنَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُوْنَ ﴾٧ وقال تعالى: ﴿ شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لَآ إِلٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَٰئِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ﴾٨ وقال تعالى: ﴿ كِتَابُ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوْا ءَايَاتِهِ، وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ﴾٩ وقال تعالى: ﴿ كِتَابٌ فُصِّلَتْ عَايَاتُهُ قُرْءَانًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُوْنَ ﴾١٠ وقال تعالى: ﴿ إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْءَانًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾١١ : وقال تعالى: ﴿ إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ قُرْءَانًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُوْنَ ﴾١٢ وقال تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِيْنَ يَعْلَمُوْنَ وَالَّذِيْنَ لَا يَعْلَمُوْنَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ﴾١۳ إلى غير ذلك من الآيات. وأكثر القرآن من ذكر العلم والعقل والتفكر وطالبَ كل معتقد بالدليل.

وقرّر الإسلام أيضًا بأن خلّى بين العباد وخالقهم وإنه قريب منهم. قال تعالى: ﴿ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيْدِ ﴾١٤ وقال تعالى: ﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُم ﴾١٥

وقال تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيْبٌ أُجِيْبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا

دَعَانِ ﴾١,

وقرر أيضًا قبول توبة من تاب من غير وساطة أحد. قال تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُواْ عَنِ السَّيِّئَاتِ ﴾٢ فكان هذا أول حجر وضعه الدين الإسلامي في أساس الحرية الشخصية.

وقرر الإسلام أن الناس سواء لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى فقال: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَٰكُمْ ﴾۳

فكان من نتائج هذه المساواة مَحْوُ السلطة الروحية التي ظلت قرونًا تسوم الشعوب الخسف.

وقرر الإسلام قلب نظام الاستبداد بما أعطى لكل فرد من حق إبداء الرأي في الشؤون العامة قال تعالى: ﴿ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ ﴾٤ وقال تعالى: ﴿ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ﴾٥

وقد كان قال الإسلام أديان يعمد علماؤها باسم الدين إلى حرمان الإنسان من حقوقه الشخصية.

فلما جاء الإسلام اعترف بهذه الحقوق الطبيعية. قال تعالى: ﴿ قُلْ يَٰأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّنْ دُوْنِ اللهِ ﴾٦ أي لا يطيع بعضنا في معصية الله بعضُا والمراد ما كان عليه أهل الكتاب من اتخاذ بعضهم بعضًا أربابًا وذلك بطاعة الأتباع الرؤساء فيما أمروهم به كما قال تعالى: ﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّنْ دُوْنِ اللهِ وَالْمَسِيْحَ ابْنَ مَرْيَمَ ﴾٧ فقد روى الثعلبي وغيره عن عدي بن حاتم قال: أتيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسمعته يقرأ: ﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّنْ دُوْنِ اللهِ ﴾٨ فقلت له: يا رسول الله لم يكونوا يعبدونهم فقال عليه الصلاة والسلام: «أليس يحرمون ما أحل الله فيحرمونه ويحلون ما حرم الله فيستحلونه» فقلت بلى قال: «ذلك عبادتهم».

ومنع من طاعتهم فيما يحلونه ويحرمونه من تلقاء أنفسهم تاركين ما حكم الله به في كتبه. فقال: «وما أمروا» أي والحال أن الأتباع ما أمروا في الكتب الآلهية وعلى ألسنة الأنبياء: ﴿ إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلٰهَا وَاحِدًا ﴾١ جليل الشأن وهو الله سبحانه ويطيعوا أمره ولا يطيعوا أمر غيره، بخلافة فإن ذلك مناف لعبادته جلّ شأنه.

وأما إطاعة الرسول فهي في الحقيقة إطاعة الله عزّ وجلّ. قال تعالى: ﴿ وَمَآ ءَاتَٰكُمُ الرَّسُوْلُ فَخُذُوْهُ وَمَا نَهَٰكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوْا ﴾٢. وقال تعالى: ﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِيْنَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ﴾۳ يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قل يا محمد لهؤلاء الجهلة الذين يحرمون على أنفسهم ما أحللت لهم من طيبات الرزق. من حرّم أيها القوم عليكم زينة الله التي خلقها لعباده، أن يتزينوا بها ويتجملوا بلباسها، والحلال من الرزق الذي رزق خلقه لمطاعمهم ومشاربهم.

ولم يطالب الإنسان إزاء هذه الإباحة بسوى الاعتدال فقال تعالى: ﴿ يَٰبَنِي ءَادَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾٤ يقول إن الله لا يحب المعتدين المتعدين حدوده في حلال أو حرام الغالين ولكنه يحب أن يحلل ما أحل ويحرّم ما حرّم، وذلك العدل الذي أمر به.

وهذا المعنى ينطبق الآن على من يدعون الناس إلى التجدد وأن يتركوا ما جاء في الشريعة المطهرة من الأحكام، مدعين أن أحكامها غير صالحة لأهل هذا الزمان.

وقد كذبوا وافتروا: ﴿ يُرِيْدُوْنَ أَنْ يُطْفِئُوا نُوْرَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُوْرِهِ ﴾٥

ومنهم من يسعى لذلك بدعوى غيرته على الدين: ﴿ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴿ ٩﴾ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴿ ١٠﴾ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ﴿ ١١﴾ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِنْ لَا يَشْعُرُونَ ﴿ ١٢﴾١

ولا أظن أن سعادة المحاضر من هذا الفريق، بل نحسن به الظن ونقول إنه يقرر أحكامًا يحاول أن يربطها بالشريعة المطهرة وأنها موافقة لها لكن بخيوط أوهن من نسيج العنكبوت.

وأقول. ليس هذا له لأن العلوم والمهن والصناعات كل واحد من أصحابها يمكنه أن يبدي رأيه فيما تخصص به لا في غيره.

فالفقيه يبدي رأيه في الفقه ولا يقبل منه أن يبدي رأيه في الطب مثلًا لاحتمال أن يزلّ، وهكذا.

على أن الدين الإسلامي له أصول محكمة وهي و الكتاب والسنة والإجماع والقياس. والحوادث المتفرعة من هذه الأصول بعضها جاء نصًا عن الشارع كالوقف، وبعضها مستنبط من هذه الأصول بعلل تجمعها.

والذي نعرفه أن المهندس لا يتكلم إلَّا في الهندسة، والطبيب لا يتكلم إلَّا في الطب. فما بال أناس نراهم الآن يتهافتون على الخوض في مسائل الدين؟ والحال أنهم لم يتلقوها. ويتجرأون على تدوين مسائل يزعمون أنها مستنبطة من الدين، والدين بريء منها.

على أن الاستنباط لا يتأتى إلَّا ممن درس الكتاب والسنة والإجماع والقياس، ودرس وسائلها وآلاتها. وذلك لأني رأيت الذين يتهجمون ويتجرأون على العبث بمسائل الدين ليس بأيديهم إلَّا معاول يهدمون بها الدين.

وإنا نناشدهم الله تعالى والذمة أن يخبرونا من منهم تلقى علم أصول الفقه وعلم أصول التوحيد وعلم التفسير وعلم الحديث، وخاض في كل هذه العلوم وفي وسائلها، ودرسها حق دراستها، وقتلها بحثًا حتى يسوغ له أن يستنبط شيئًا من الأحكام الشرعية أو يخوض في ذلك.

لا شك أنه لا يستطيع واحد أن يدعي بحق شيئًا من ذلك.

وحينئذ فالأجدر بهؤلاء أن يشتغلوا ويقتنعوا بما يزعمونه علمًا بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير.

والعاقل من اشتعل بما يعنيه وترك ما لا يعنيه. ومن خاض فيما لا يتقنه حق الإتقان، ويحسنه حق الإحسان، فقد ركب متن عمياء وخبط خبط عشواء.

وأرجو أن لا يُفهم من كلامي هذا أني أقصد الحجْر على العقول أو أمنع حرية الرأي بل إنما أقصد إسداء النصيحة لكل من أراد أن يتكلم في أي علم كان أن يتعلم قبل أن يتكلم وإلَّا ضل الطريق. قال تعالى: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴿ ٣٦﴾١

وفقنا الله للسداد ولما فيه مصلحة العباد والبلاد. إنه سميع قريب مجيب.


١ (3) المائدة : ١٠٣

١ (۲۹) العنكبوت ٦٢

٢ (٤٣) الزخرف : ٣٢

١ (٧) الأعراف : ٥٢

٢ (۷) الأعراف: ۷

۳ (۷) الأعراف: ۳۲

٤ (٦) الأنعام: ١١٩

٥ (٦) الأنعام: ١٤٣

٦ (٦) الأنعام: ١٤٤

٧ (٦) الأنعام: ١٤٨

٨ (۳) آل عمران: ۱۸

٩ (۳۸) ص: ۲۹

١٠ (٤١) فصلت: ٣

١١ (٤٣) الزخرف : ٣

١٢ (۱۲) يوسف: ۲

١۳ (۳۹) الزمر : ۹

١٤ (٥٠) ق: ١٦

١٥ (٥٧) الحديد : ٤

١ (۲) البقرة: ١٨٦

٢ (٤٢) الشورى : ٢٥

۳ (٤٩) الحجرات : ۱۳

٤ (٤٢) الشورى: ۳۸

٥ (۳) آل:عمران ۱۵۹

٦ (۳) آل عمران : ٦٤

٧ (۹) التوبة : ٣١

٨ (۹) التوبة : ٣١

١ (۹) التوبة : ۳۱

٢ (٥٩) الحشر : ٧

۳ (۷) الأعراف: ۳۲

٤ (٧) الأعراف : ٣١

٥ (٩) التوبة : ٣٢

١ (۲) البقرة: ۹ – ۱۲

١ (١٧) الإسراء : ٣٦

Related

Share1Tweet1SendShareShare
Previous Post

Wakaf Didasarkan pada Konsensus dan Perlunya Wakaf (Pendapat Para Imam Tentang Validitas Wakaf dan Kebutuhannya)

Next Post

Alokasi Peradilan

Muhammad Fariz Kasyidi

Muhammad Fariz Kasyidi

Artikel Terkait

Kajian Kitab

Tafsir Mimpi Rumah: Simbol Diri, Keluarga, dan Kehidupan

by Muhammad Fariz Kasyidi
2024-11-13
0

Rumah - الدور الدور: والدور: وأما الدور فهي دالة على أربابها، فما نزل بها من عدم أو ضيق أو سعة...

Read moreDetails

Hikmah Wakalah (Perwakilan)

2024-02-02

Arti Mimpi Ditendang Unta: Waspada Musuh dan Kesedihan

2024-10-29
Mimpi Melihat Syimar: Pertanda Pujian dan Kebaikan?

Mimpi Melihat Pohon Tharfa’: Waspada Orang Munafik di Sekitarmu!

2024-11-16
Next Post

Alokasi Peradilan

Alokasi Peradilan Berdasarkan Waktu

Alokasi Peradilan di Tempat

Alokasi Peradilan oleh Orang-orang

Please login to join discussion

© 2023 DH Tech - Daarul Hijrah Tech Kitab Kuning Digital.

Welcome Back!

Login to your account below

Forgotten Password?

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Log In
No Result
View All Result
  • PDF
  • Qasidah
  • Doa-doa
  • Kajian Kitab
  • Tuntunan Ibadah
  • Apps
  • Artikel
  • Infografis
  • Khutbah
  • Manakib
  • Tanya Jawab Keislaman
  • Tentang Kami

© 2023 DH Tech - Daarul Hijrah Tech Kitab Kuning Digital.